إيليا أبو ماضي 1889- 1957 مقتطفات من شعره – الجزء الثاني


إيليا أبو ماضي

 الضفادع والنجوم

صاحت الضفدع لما شاهدت حولها في الماء أظلال النجوم
يا رفاقي ‍ يا جنودي‍ احتشدوا عبر الأعداء في الليل التخوم
فاطردهم ، واطردوا الليل معا إنه مثلهم باغ أثيم
زعقة سار صداها في الدجى فإذا الشطّ شخوص وحسوم
في أديم الماء من أصواتها رعدة الحمى ، وفي الليل وجوم
مزّق الفجر جلابيب الدّجى ومح من صفحة الأرض الرسوم
فمشت في سربها مختالة كمليك ظافر بين قروم
ثم قالت: لكم البشرى ولي قد نجونا الآن من كيد عظيم
نحن لو لم نقهر الشّهب التي هاجتنا لأذاقتنا الحتوم
وأقامت بعدنا من أرضنا في نعيم لم يجده في الغيوم‍
أيها التاريخ سجّل أننا أمة قد غلبت حتى النجوم

أيها القلم

ماذا جنيتَ عليهمْ ، أيها القلمُ
واللهِ ما فيكَ الا النُّصحُ والحكمُ
اني ليحزنني ان يسجنوكَ وهم
لولاكَ في الأرضِ لم تثبتْ لهم قدمُ

إقرأ المزيد

مُختارات من كتاب ” السابق “

، المجموعة الكاملة جبران خليل جبران – دار الجيل

الحرب والأمم الصغيرة

كان في أحد المروج نعجة وحمل يرعيان .
وكان فوقهما في الجو نسر يحوم ناظراً إلى الحمل بعين جائعة يبغي إفتراسه
وبينما هو يهم بالهبوط لإقتناص فريسته ، جاء نسر آخر وبدأ يرفرف فوق النعجه
وصغيرها وفي أعماقه جشع زميله .
فتلاقيا وتقاتلا حتى ملأ صراخهما الوحشي أطراف الفضاء .
فرفعت النعجة نظرها إليهما منذهلة ، والتفتت إلى حملها وقالت :
(( تأمل ياولدي ، ما أغرب قتال هذين الطائرين الكريمين !!
أوليس من العار عليهما أن يتقاتلا ، وهذا الجو الواسع كاف لكليهما
ليعيشا متسالمين ؟؟
ولكن صلّ ياصغيري ، صلّ في قلبك إلى الله ، لكي يرسل سلاماً إلى
أخويك المجنحين ! ))
فصلى الحمل من أعماق قلبه !

العالم والشاعر

قالت الحية للحسون : (( ما أجمل طيرانك أيها الحسون ! ولكن حبذا لو أنك تنسلّ إلى ثقوب الأرض وأوكارها . حيث تختلج عصارة الحياة في هدوء وسكون! ))
فأجابها الحسون وقال : (( أي وربي ! إنك واسعة المعرفة بعيدتها ، بل انت أحكم جميع المخلوقات ، ولكن حبذا لو أنك تطيرين )) .
فقالت الحية كأنها لم تسمع شيئاً : (( مسكين أنت أيّها الحسون ! فأنك لا تستطيع أن تبصر أسرار العمق مثلي ، ولا تقدر أن تتخطر في خزائن المماليك الخفية ، فترى أسرارها ومحتواياتها ، أما أنا فلا أبعد بك ، فقد كنت في الأمس متكئة في كهف من الياقوت الأحمر أشبه بقلب رمانة ناضجة ، وأضأل الأشعة تحولها إلى وردةٍ من نور .فمن أعطي سواي في هذا العالم أن يرى مثل هذه الغرائب؟ )) .
إقرأ المزيد

“لبنان”

ميخائيل نعيمة

ولد في بسكنتا عام 1889

سافر عام 1906 الى روسيا حيث قضى خمس سنوات في الدراسة والتحصيل

وفي عام 1912 قصد الولايات المتحدة الأميركية والتحق بجامعة واشنطن حيث تخرّج عام 1916 مجازاً بالحقوق

عام 1920 اشترك في تأسيس الرابطة القلمية في نيويورك

عاد الى لبنان عام 1932 وانصرف الى الكتابة والتأليف، وكان غالباً ما يلجأ الى الشخروب حيث يختلي بنفسه للكتابة فلقب بناسك الشخروب

مؤلفاته كثيرة في القصة والنقد والسيرة والمقالة والفلسفة، أبرزها:«كان ما كان» «أبو بطة» «الغربال»، «جبران»، «سبعون» وهو سيرة حياته، «المراحل»، «البيادر»، «مرداد»

توفي عام 1988 ودفن في الشخروب حيث أقيم له تمثالٌ في الصخر

 

” لبنان “
بقلم الاديب ميخائيل نعيمه

للبنان – ذلك الجبل الأبيض – ما أعجز لساني وقلمي، بل ما أعجز أي لسان وقلم ، عن وصف مفاتنه ! كلما تحسست سحره أو حدثت عن جماله ألفيتني أستعين بأفعل التفضيل وصيغة المبالغة. حتى بتّ أخشى أن يتهمني البعض بذلك النوع من ” الهستريا ” الذي يلازم في الغالب كلّ موبوء بوباء الوطنية الجامحة وعهدي بنفسي أنني طهّرتها من زمان من جراثيم ذلك الوباء الخبيث. فهي لا تكتفي بلبنان ولا بالأرض موطناً. ولا تقنع بأقل من الكون مسرحاً لعواطفها وتأملاتها وأحلامها.

لا… ما أحببت لبنان لأنه مسقط رأسي ورؤوس أجدادي وأجداد أجدادي. بل لأني , وقد طوّفت بعيداً في بلاد الله، ما عرفت بقعة توافرت في تكوينها وفي مركزها من الأرض مظاهر الحسن والروعة والجلال مثلها في لبنان. ناهيك بالفصول تتعاقب فيه بأقصى الدقة ومنتهى النظام والاعتدال. فلا الشتاء يجور على الربيع، ولا الربيع يطمع في الصيف، ولا الصيف يأخذ من حصة الخريف، ولا الخريف يعتدي على ما قسم للشتاء.

إقرأ المزيد

إيليا أبو ماضي 1889- 1957 سيرته ومقتطفات من شعره

Elia Abou Madi

هو إيليا ضاهر أبي ماضي من كبار شعراء المهجر في أمريكا الشمالية ، ولد في المحيدثة – المتن الشمالي -لبنان عام 1889م وهاجر إلى مصر سنة 1900م وسكن الإسكندرية وأولع بالأدب والشعر حفظاً ومطالعة ونظماً ، وفي عام 1911م أصدر ديوانه الأول ( تذكار الماضي ) وهاجر في نفس العام إلى أمريكا وأقام بمدينة سنسناتي واحترف التجارة وفي عام 1916م انتقل إلى نيويورك حيث انظم إلى نخبة الأدباء المهجريين الذين أسسوا الرابطة القلمية وفيها طبع ديوانه الثاني الذي قدم له الشاعر جبران خليل جبران وانصرف منذ ذلك الحين إلى الصحافة فعمل في جريدة مرآة الغرب ثم أصدر جريدة السمير أسبوعية ثم يومية عام 1929م في بروكلن إلى أن توفى في نيويورك سنة 1957م.

أصدر ديوانه الثالث الذي قدم له الشاعر ميخائيل نعيمة عام 1925م

وفي عام 1940م أصدر ديوانه” الخمائل ” وقد نظم بعد ذلك شعر كثير نشرها في الصحف والمجلات في الوطن وفي المهجر.

شاعر الطبيعة والعذوبة

قل المجيدون وكثر المتشاعرون في زمننا الحاضر. سنّة الطبيعة أن يتوالد البعوض بالملايين, وأن لا تلد الصقور إلا عدداً قليلاً. والشاعر المهجري إيليا أبو ماضي ينتسب الى فصيلة الصقور والى الشعراء المبدعين الكبار.

فلسفة أبي ماضي

جعـل أبو ماضي من شعره منطلقـاً لأفكـاره الفلسفـية التي صاغها ببلاغة وسهولة ومـرونة بيان. فلسفـته في الكـون, وما وراء الطبيعة, وفي الوجـود والعدم, وفي الـروح والحقيقة, اعتمـدت عـلى مبـدأ إعتنـقه عـدد من الفلاسفة الذين رأوا في البحث عن هذه الأمور مسألة عقيمة لا تؤدي بصاحبها الى حل تلك الأسئلة التي راودت المفكرين منذ زمن بعيد جداً, فالفكر في نظرهم لا يستطيع أن يتخطى حدوده المادية ليصل الى اكتشاف حقائق مجهولة تتعدى قواه الفكرية. وكان قد سبق أبي ماضي من الشعراء في هذا المبدأ الشاعر الفارسي عمر الخيام الذي يقول:

إقرأ المزيد