سر التراث اللبناني … ترسخ الشعب في ذاته يولد رسالته

 

fadel2

بقلم الأستاذ الكبير الراحل فاضل سعيد عقل 

نشرت في مجلة الفصول اللبنانية / العدد رقم 13 – 1984

كل شعب غير مجذر، يعجز، ليس فقط عن إكفاء نفسه، بل حتى عن البقاء. فالارتباط بين الاستمرار وبين إرادة الاستمرار شرط أساسي للديمومة. لان الإرادة تفرض الواقع، والواقع يفرض الديمومة. والديمومة تهب الإيمان بضرورتها إلى المستفيد منها.

وحده المصر على الحياة يبقى ويدوم، العنيد في تشبثه بأرضه وتمسكه بما تمثله هذه الأرض وبما تضمه من رفات وذكريات وثروات، وما ينتج عنها من تقاليد ومظاهر وعادات، وما يتولد فوقها من قرابات ومصالح وعلاقات. أما الزاهد في كل هذا، فهو مخلوق هامشي لا يعرف متى تقتلعه رياح الفراق وأعاصير الدمار.

الشعوب الحية بتراثاتها، المجذرة في ارض أوطانها، الواعية رسالاتها، تنتصر دائماً في معركة البقاء، فلا يجرؤ الفناء على الاقتراب من أسوارها، لأنها لا تؤخذ بالقمع والقوة والتخويف والإرهاب، مهما كانت إمكاناتها ضعيفة وعناصر دفاعها ضئيلة، لان شعورها بوجوب بقائها يشكل طاقات للمقاومة لا نهاية لها بعكس الشعوب المترهلة في أصولها، المائعة الجذور، فأنها سرعان ما تتنازل عن حقها وتفقد كل قابلية للمقاومة وكل شهية للتضحية وكل مناعة للصمود وكل مبرر للاستمرار. عندها تكون عناصرها التكوينية العضوية قد شاخت وقواها قد وهنت وإيمانها قد خار ومخزون التصدي فيها قد انهار، فقبلت بالانقياد والتخلي عن طموحاتها ونسيت تحدياتها وعراقتها.

شعب لبنان الذي عمره الحضاري من عمر الحضارة الإنسانية الأولى، إلى ستة آلاف سنة خلت، كأنه اليوم شعب فتي عمره بالكاد نصف قرن. وهذا الشعب، الذي عاش قرابة أربعماية سنة تحت الحكم العثماني الاحتلالي، والذي تحرر منه بفعل مناعة المقاومة وإرادة البقاء، وصبر طول هذه المدة مناضلاً للتحرر من الاستعمار، هو من الشعوب الحية التي لا تموت وفي طليعة الشعوب الحية المجزرة، لأنه مزروع في ارض وطنه لبنان. تخللت تاريخه مراحل حلوة ومراحل مرة. إلا أن المرحلة الذهبية النموذجية في تاريخ تراثه الوطني، التي أبرزت جوهره الحق، كانت مرحلة حكم الأمير فخر الدين الثاني.

إقرأ المزيد

إعادة اصدار كتاب الخميني يغتال زرادشت لمصطفى جحا


الخميني يغتال زرادشت، الكتاب الذي دفع مصطفى جحا ثمنه حياته والكتاب الذي وصف بأنه الأخطر على أيديولوجية الثورة الخمينية والفكر المتشدد لدى إيران وحزب الله

إقرأ المزيد

كتحية اجلال و تقدير لشهداء قافلة الحرية في لبنان وسورية وكل الشرق الأوسط نقدم قصيدة ” أيها الناس” للشاعر الكبير نزار قباني


أيها الناس
بقلم الشاعر الكبيرنزار قباني

أنا المسؤول عن أحلامكم إذ تحلمون

وأنا المسؤول عن كل رغيف تأكلون

وعن الشعر الذي – من خلف ظهري – تقرؤون

فجهاز الأمن في قصري يوافيني

بأخبار العصافير وأخبار السنابل

ويوافيني بما يحدث في بطن الحوامل

أيها الناس أنا سجانكم

وأنا مسجونكم فلتعذروني

أنني المنفي في داخل قصري

لا أرى شمسا ولا نجما ولا زهرة نفلى

منذ أن جئت إلى السلطة طفلا

ورجال السيرك يلتفون حولي

واحد ينفخ نايا

واحد يضرب طبلا

واحد يمسح جوخا

واحد يمسح نعلا

منذ أن جئت إلى السلطة طفلا

لم يقل لي مستشار القصر كلا

لم يقل لي وزرائي أبدا لفظ كلا

لم يقل لي سفرائي أبدا في الوجه كلا

لم تقل إحدى نسائي في سرير الحب كلا

إنهم قد علموني أن أرى نفسي إلها

وارى الشعب من الشرفة رملا

فاعذروني إن تحولت لهولاكو جديد

أنا لم أقتل لوجه الله يوما

إنما أقتلكم كي أتسلى

من قصائد نزار قباني – يا ست الدنيا يا بيروت… – القصيدة.. والجغرافيا

نزار توفيق قباني – 1998-1923

محل الميلاد : ولد في حي مئذنة الشحم ..أحد أحياء دمشق القديمة .

حصل على البكالوريا من مدرسة الكلية العلمية الوطنية بدمشق ، ثم التحق بكلية الحقوق بالجامعة السورية وتخرّج فيها عام 1944 .

عمل فور تخرجه بالسلك الدبلوماسي بوزارة الخارجية السورية ، وتنقل في سفاراتها بين مدن عديدة ، خاصة القاهرة ولندن وبيروت ومدريد ، وبعد إتمام الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959 ، تم تعيينه سكرتيراً ثانياً للجمهورية المتحدة في سفارتها بالصين .

وظل نزار متمسكاً بعمله الدبلوماسي حتى استقال منه عام 1966

الحالة الاجتماعية :
تزوّج مرتين .. الأولى من سورية تدعى ” زهرة ” وانجب منها ” هدباء ” وتوفيق ” وزهراء .

والمرة الثانية من ” بلقيس الراوي ، العراقية .. التي قُتلت في انفجار السفارة العراقية ببيروت عام 1982 ، وترك رحيلها أثراً نفسياً سيئاً عند نزار ورثاها بقصيدة شهيرة تحمل اسمها ، حمّل الوطن العربي كله مسؤولية قتلها ..

ولنزار من بلقيس ولد اسمه عُمر وبنت اسمها زينب . وبعد وفاة بلقيس رفض نزار أن يتزوج .

وعاش سنوات حياته الأخيرة في شقة بالعاصمة الإنجليزية وحيداً .
قصته مع الشعر :
بدأ نزار يكتب الشعر وعمره 16 سنة ، وأصدر أول دواوينه ” قالت لي السمراء ” عام 1944 وكان طالبا بكلية الحقوق ، وطبعه على نفقته الخاصة .

إقرأ المزيد

الحرية في الشرق الأوسط : جريمة التحول إلى المسيحية في مصر المحروسة

جوزيف بشارة

شعور بالأسف الممزوج بالخجل والحيرة تملكني حين قرأت قصة ماهر الجوهري، المواطن المصري، الذي ترفض السلطات في بلاده الاعتراف بتحوله إلى المسيحية. يرجع سبب الشعور بالأسف إلى تغييب حرية العقيدة عن مصر، وإلى سياسة الازدواجية في المعايير التي تطبقها السلطات المصرية حين تقوم بتسهيل تحول المسيحيين إلى الإسلام وتمنع تحول المسلمين إلى المسيحية رغم وجود النصوص الدستورية التي تحمي حرية العقيدة. ويعود سبب الشعور بالخجل إلى اضطرار ماهر الجوهري لترك منزل أسرته الذي كان يعيش فيه مع والدته وابنته بعد تهديد عائلته له بالقتل نتيجة شعورها بالعار من اختياره للمسيحية ولاعتباره مرتداً عن الإسلام. بينما كان سبب الشعور بالحيرة هو رفض الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قبول الجوهري عضواً بها وهو ما قد يبدو للمرء على أنه استسلام للواقع الذي يفرضه المتشددون الإسلاميون المنتشرون في ربوع مصر وأركانها الأربعة.

يبلغ ماهر الجوهري من العمر السادسة والخمسين، وقد اختار الرجل عن اقتناع وبمحض إرادته الحرة ومن دون إغراء أو إكراه أو تهديد اعتناق المسيحية التي بدأ يشعر بانجذاب لتعاليمها قبل نحو أربع وثلاثين سنة. حاول الجوهري تغيير الديانة في أوراقه الرسمية ولكنه فشل، كما فشل من قبله محمد حجازي وغيره من المتحولين من الإسلام إلى المسيحية في مصر المحروسة. ومن ثم قام الرجل بتحريك دعوى قضائية ضد الحكومة المصرية لإجبارها على الاعتراف بديانته الجديدة.
إقرأ المزيد