، المجموعة الكاملة جبران خليل جبران – دار الجيل
الحرب والأمم الصغيرة
كان في أحد المروج نعجة وحمل يرعيان .
وكان فوقهما في الجو نسر يحوم ناظراً إلى الحمل بعين جائعة يبغي إفتراسه
وبينما هو يهم بالهبوط لإقتناص فريسته ، جاء نسر آخر وبدأ يرفرف فوق النعجه
وصغيرها وفي أعماقه جشع زميله .
فتلاقيا وتقاتلا حتى ملأ صراخهما الوحشي أطراف الفضاء .
فرفعت النعجة نظرها إليهما منذهلة ، والتفتت إلى حملها وقالت :
(( تأمل ياولدي ، ما أغرب قتال هذين الطائرين الكريمين !!
أوليس من العار عليهما أن يتقاتلا ، وهذا الجو الواسع كاف لكليهما
ليعيشا متسالمين ؟؟
ولكن صلّ ياصغيري ، صلّ في قلبك إلى الله ، لكي يرسل سلاماً إلى
أخويك المجنحين ! ))
فصلى الحمل من أعماق قلبه !
العالم والشاعر
قالت الحية للحسون : (( ما أجمل طيرانك أيها الحسون ! ولكن حبذا لو أنك تنسلّ إلى ثقوب الأرض وأوكارها . حيث تختلج عصارة الحياة في هدوء وسكون! ))
فأجابها الحسون وقال : (( أي وربي ! إنك واسعة المعرفة بعيدتها ، بل انت أحكم جميع المخلوقات ، ولكن حبذا لو أنك تطيرين )) .
فقالت الحية كأنها لم تسمع شيئاً : (( مسكين أنت أيّها الحسون ! فأنك لا تستطيع أن تبصر أسرار العمق مثلي ، ولا تقدر أن تتخطر في خزائن المماليك الخفية ، فترى أسرارها ومحتواياتها ، أما أنا فلا أبعد بك ، فقد كنت في الأمس متكئة في كهف من الياقوت الأحمر أشبه بقلب رمانة ناضجة ، وأضأل الأشعة تحولها إلى وردةٍ من نور .فمن أعطي سواي في هذا العالم أن يرى مثل هذه الغرائب؟ )) .
إقرأ المزيد